اعتبرت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية، في مقال، أن الشباب التونسيين الذين كانوا وقود الثورة، يتعرضون لإهمال ليس جديداً عليهم، ولم يحصلوا على أي مقابل أو مردود لثورتهم، وخصوصاً في قرى ومدن الجنوب، مثل سيدي بوزيد –التي انطلقت منها شرارة الثورة- التي لم تر ثمرة كبيرة لدورها في الثورة، فهم يتعرضون الآن لإهمال ليس جديدا عليهم.
وأضافت المجلة أنه في أثناء فترة حكم بن علي, ركزت الحكومات التونسية المتعاقبة 90% من مشروعاتها الاستثمارية على المناطق الساحلية، تاركة الداخل في حالة مزرية من الإهمال، فزادت البطالة إلى 18%، وهو ضعف المعدل في المناطق الساحلية. وبينما يصل متوسط معدل الفقر في تونس إلى 18%، إلا أنه يتراوح من 6% بتونس العاصمة إلى أكثر من 30% في المحافظات الأخرى في غرب الوسط.
واستطرد لورين بون، كاتب المقال، أنه نتيجة لهذا، بدأت الثورة التونسية من مقاهي الإنترنت على أيدي الشباب الصغير الذي كان يسجل دورياً على الإنترنت مشاهد من وحشية الشرطة وفساد النظام- ثار منتفضاً بعدما شعر بالضيق بسبب البطالة وانعدام الفرص الكريمة أمامهم.
وطرح سؤالاً مهماً قائلاً: لكن ماذا كانت محصلة الثوار من ثورتهم؟ وأجاب بأن سيدي بوزيد وغيرها من مدن الجنوب لم تر ثمرة كبيرة لدورها في الثورة، فهم يتعرضون الآن لإهمال ليس جديدا عليهم. وقد كانت المدن الجنوبية دائما بؤرة الاحتجاجات العنيفة ضد النظام فقد كانت هناك حالات شغب بسبب الخبز في ديسمبر 1983 في نفس المدن التي سببت تحدياً خطيراً للنظام التونسي. ولو لم تتحسن الأمور ربما يعود التمرد مرة أخرى كما قال بعض الشباب للكاتب.
وتابع واصفاً الأمور في المدن الجنوبية بأنه سيئة لدرجة أن أهلها لا يعتبرون أنفسهم ضمن تونس بسبب سوء الطرق والخدمات والبطالة المتفشية بينهم حتى لو كان الفراغ الذي خلفه بن علي قد أسفر عن كثرة الأحزاب التي وصلت إلى تسعين حزبا وحتى لو تمت إعادة كتابة الدستور فالجنوبيون لا يهمهم سوى لقمة العيش. والتونسيون في كل أنحاء الدولة يخشون من أن يسرق أعضاء حزب التجمع الديمقراطي السابق أو الإسلاميون العائدون من المنفى ثورتهم.
ونقل الكاتب عن المدون التونسي باسم بوقرة قوله: "لا أحد يدري بالضبط ماذا يجري هنا. إنها فوضى ونحن ما نزال نحارب من أجل الوصول إلى أبسط حقوق الإنسان الأساسية. بل إنني منذ شهرين فقط كنت أصور بهاتفي الجوال مظاهرة كان فيها ضباط يضربون المتظاهرين فقبضوا علي واحتجزوني وعذبوني لمدة شهرين. نحن إلى الآن لا نعلم من هو قائدنا" من جانبها قالت صديقته إمنة بن جمعة "يظن الناس أن تونس هي قصة الحب الرومانسية هذه أي قصة النجاح وثورة الفيسبوك لكننا لم نقم بثورة بل إننا ما زلنا في بداية البداية للثورة."
وأضاف الكاتب أن هذا ما دعا الأحزاب السياسية إلى التقرب من الجنوب حتى يكسبوا أصواتهم في الانتخابات. ومن بين هذه الأحزاب حزب النهضة خاصة في معقلهم في مدينة القيروان على مسافة 78 كم جنوب تونس العاصمة حيث تجمع الناس هناك في مسجد عقبة وتحدثوا بحماسة عن حجم التغير الذي حدث خاصة بعد أن كانوا يعانون كثيرا من قمع النظام لأسرهم وأصدقائهم وحزب النهضة عموماً في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات. وفي أثناء تخلي النظام عن الأهالي كان أعضاء النهضة هم من يقومون بالخدمات مثل دعم الفقراء وتنظيف الشوارع على سبيل المثال ما جعل حزب النهضة يحصل حسب استطلاعات الرأي على تأييد أقل قليلا ًمن 30%، وهو ثلاثة أضعاف أقرب منافس له بين الأحزاب الأخرى.
don't forget to share this post to your friends on facebook